الخميس، 7 أغسطس 2008

غزة قاب قوسين أو ادني من الإمارة الاسلامية


علمتنا التجربة أن حماس لا تتصرف برعونة كما كنا نظن , وحين كنا نتسائل في أوج معركة الإنقلاب أو الحسم أو المجزرة الكبرى كما أنا اسميها ، ماذا بعد يا حماس ؟ ماذا بعد ان تسيطري على كل المقار الامنية وعلى مقر الرئاسة ما عساك ستفعلي ؟ كنا نعتقد أن حماس لن تغامر بمستقبل القضية الفلسطينية برمتها ولن تسلخ غزة عن الضفة الغربية , ولن تضرب في الصميم وحدانية تمثيل الشعب الفلسطيني المتمثلة في منظمة التحرير برغم كل اشكاليتها وملاحظات حماس عليها وكنت أعتقد شخصياً بأن حماس لن تنحرف عن ميثاقها , في هذا المجال والذي تقول فيه :
منظمة التحرير الفلسطينية من أقرب المقربين إلى حركة المقاومة الإسلامية، ففيها الأب أو الأخ أو القريب أو الصديق، وهل يجفو المسلم أباه أو أخاه أو قريبه أو صديقه. فوطننا واحد ومصابنا واحد ومصيرنا واحد وعدونا مشترك.
وتقول فيه ما قاله الشاعر :

أخاك أخاك إن من لا أخًا لــه كساعٍ إلى الهيجا بغير سـلاح

وإن ابن عم المرء - فاعلم جناحه وهل ينهض البازي بغير جـناح.


كانت هذه الأفكار مستبعدة كلياً كان من غير المعقول أصلاً أن نفكر بان حماس ستقوم بكل ما قامت به ، وربما كان هذا ناتج عن حسن الظن فيها كحركة , وفي عناصرها , الذين تفاجئنا كلنا بأنهم لم يعودوا كما كانوا فيما قبل انتخابات 2006 .

كان معتقد أيضاً أن الانقسام لن يدوم سوى شهور معدودة بعدد أصابع اليد ولكننا تفاجئنا جميعاً بان حماس تسير وفق سياسة مبرمجة وأن عندها من الأموال ما يكفيها للاستمرار بهذه الحالة إلي عشر سنوات جديدة , وأن حماس تعمل بكل ما أوتيت من قوة للإبقاء على سيطرتها على غزة رغم كل المخاطر التي تتهدد القضية الفلسطينية من وراء ذلك .

ما حدث من انقسام , وما وجدناه من حماس بعده ومن إصرارها على الاستمرار في ذات الطريق رغم كل المخاطر التي تتهدد قضيتنا الفلسطينية , جعلنا نعيد التفكير بحماس ونتجه تلقائياً إلي عدم تبني فكرة أن حماس رعناء وتتصرف برد الفعل الأهوج بغض النظر عن النتائج .

بعد ما عرف بتفجير الشاطئ والذي استهدف قادة ميدانين من كتائب القسام وما تعبه من تبادل الاتهامات بين فتح وحماس حول من يقف خلف هذا التفجير , وما تبعه بما سمي رد فعل حركة حماس في غزة , وما سبق رد الفعل هذا , وبناءاً على ما سبق يأخذني الاعتقاد بان حماس في طريقها لإنشاء إمارة إسلامية في غزة .
فحماس وقبل انفجار الشاطئ أوقفت السيدين زكريا الأغا , ورياض الخضري وهما أعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وكانا في طريقهما لحضور اجتماع اللجنة التنفيذية , وصادرت هوياتهم لتمنعهم من حضور الاجتماع , وبالتالي منع اكتمال نصاب اللجنة التنفيذية , وبالتالي منع اجتماعها بحسب ما سرب لي , رغم ما يترتب على ذلك من مخاطر على وجود قيادة فلسطينية أصلا .
وبعد الانفجار قامت حماس بإغلاق جميع المؤسسات التابعة لفتح , ومؤسسات أخرى تابعة لفصائل أخرى من بينها مؤسسة وطن التابعة للجبهة الشعبية , كما حاولت إغلاق مؤسسة بادر التابعة أيضا للجبهة الشعبية ولكن اتصالات دبلوماسية جرت وتم منع الإغلاق , هذا عوضاً عن اعتقال جميع المحافظين في قطاع غزة , وإغلاق المحافظات , كما علمت أيضا من مصادر موثوقة بأن جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس اتصل على السيد جميل شحادة أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية , وأبلغه برسالة شديدة اللهجة بأنهم يرغبون الاجتماع معه لتسوية بعض الأمور استشف من الاتصال أنه ربما يعتقل أو يجرى بحق جبهته عقاب آخر ولكن المقابلة لم تتم وجرى بعض الاتصالات بوساطة من الجبهة الشعبية , فأنكرت حماس الاتصال به أصلاً .
على أية حال كان من الواضح أن حماس في طريقها لتصفية أي وجود لقوى وطنية في قطاع غزة وكانت تصريحات السيد محمود الزهار تشير إلي ذلك , وتشير أيضا إلي سعيهم لإقامة إمارة إسلامية
فقال بالحرف نحن أولياء الله الصالحين في الأرض , وحماس هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ونقل موقع راديو الأقصى على لسانه :
أما الفصائل التي صنفت نفسها بغير ذلك وتحاول أن تظهر دائما بأنها أهل الحكمة وأن الباقي على خطأ فقال الزهار:'لن نتعامل معها، وهي مرفوضة كما رفضها الشعب بالانتخابات الأخيرة'.
شخصياً آخذ تصريحات هذا الرجل على محمل الجد أي كانت , وحتى إن كانت في خطب جماهيرية حماسية فهو دائماً جدي وقد سبق لي أن قرأت ما بين سطور كلماته وعرفت تفكيره بخلاف السيد خالد مشعل الذي يقول كلام حماسي في الخطب الجماهيرية , ويقول نقيضه في الغرف المغلقة .
أقول لقد جربت جدية كلام السيد محمود الزهار فعندما قال في 17/4/2007 وفي ذكرى اغتيال الشهيد عبد العزيز الرنتيسي : نمد أيدينا لإخواننا في حركة الجهاد الإسلامي لنتحد حول المقاومة , وكان ذلك بعد اتفاق مكة بشهرين , عرفت أن الزهار يرسل رسالة لحماس الخارج بأنه لن يستمر في اتفاق مكة فمن يعرف الرجل , ويعرف مواقفه السابقة من الجهاد الإسلامي تحديداً يندهش من كلامه ويستبعد أن تكون دعوته غير مشفرة بكلام آخر يريد إرساله لحماس الخارج , وخصوصاً أنه فاجئ الجميع قبل هذا التصريح أو بعده لا أذكر على وجه التحديد حينما قال سنحجب الثقة عن الحكومة , وكان يقصد حكومة الوحدة الوطنية المنبثقة عن اتفاق مكة أي الحكومة التي تترأسها حركة حماس وكانت رسالة أخرى منه لحماس الخارج بأنه لن يستمر في اتفاق مكة فمن غير المعقول أن تحجب حركة الثقة عن حكومة تترأسها .
بناءاً على ما سبق من أفعال حماس في الآونة الأخيرة , وبناءاً على تصريحات السيد محمود الزهار , فإني أعتقد بأن حماس في طريقها لإنشاء إمارة إسلامية في غزة وأن ذلك قاب قوسين أو أدنى وأنها ستخضع الجميع لإمارتها بما في ذلك الجماعات الإسلامية الأخرى في قطاع غزة التي عليها أن تبايع الأمير على السمع والطاعة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق