أعجب احياناً من بعض الكتاب الذين يحاولون عبر صحفهم أو عبر شاشات الفضائيات تشويه الحقائق وبث الشائعات والمزيدات لتهيئة قاعدة جماهرية يتم من خلالها تمرير موقف سياسي خطير لا تقبله الشعوب ، معتقدين أن بامكانهم فعل ذلك بمنتهى السهولة وأنهم مازالوا يسلبون عقول الناس عبر استخدام الدين أو عبر التشدق بشعار المقاومة وهم أخر من التحق بها.
اليوم وبمحض الصدفة قرأت مقالة للاستاذ ياسر الزعاترة الصحفي الاردني الاخواني الحمساوي يتهم فيه اليسار بمحاباة السلطة الفلسطينية والمقصود هو سلطة فتح لا سلطة حماس ويحاول أن يسوق اعتقاده هذا ببعض الاكاذيب والمزايدات التي إن دلت إنما تدل على أن ما مقاله سوى مزايدة ودجل لتمرير رفض حماس للمصالحة الفلسطينية من خلال خلق الاعذار التي يهيئ لها الكاتب الاجواء خاصة أن مزايداته واكاذيبه جاءت بعض تصريح خليل الحية القيادي في حماس بالامس الذي قال فيه أن فصائل منظمة التحرير هي من منعت نجاح الجولة السادسة من الحوار وهو يقصد فصائل اليسار تحديداً لأنها اصدرت بياناً تقول فيه صراحة أنها لن تلتزم بنتائج الحورات الثنائية وأنها ستخضعها للتقييم مدعياً أن فتح غيرت موقفها بعد هذا البيان الذي لم تصدره قوى اليسار فحسب بل اصدرته 8 فصائل فلسطينية ، فهنا يبدو الأمر واضح محاولة لتبرير فشلهم بالحوار بتحميل مسؤولية هذا الفشل الي فصائل أخرى ترى أن الحوارات الثنائية مضيعة للوقت ولا تحقق مصالحة تحقق مصالح الشعب المرجوة .
عزيزي القارئ سأضع لك مقال الزعاترة هذا مع ملاحظاتي عليه والتي بامكانك التأكد من صدقها من خلال مراجعة محركات البحث على أن تضع الزعاترة هذا في الميزان لتعرف كم من الكتاب الصحفيين لا يستحقوا أن يكونوا صحفيين لان للصحافة شرف قد لا يصونونه .
أولا الاخ ياسر الزعاترة لا يصف الحالة وصف موضوعي ينفي عنه تحيزه لحركة حماس فما يجري عملياً هو عملية اجتثاث لحماس في الضفة واجتثاث لفتح في غزة وكلا الحركتين تمارسان ابشع الممارسات بحق الحركة الأخرى وبالشعب الفلسطيني .
ثانياً السلطة في الضفة تؤكد أن اعتقالاتها في الضفة لا تمس الجناح السياسي في حماس بقدر ما تمس الجناح المسلح وقد أكدوا اكثر من مرة عثورهم على متفجرات وزي عسكري لافراد الاجهزة الامنية وخرائط وأموال واعترفات من عناصر حماس بأنهم يعدون لاستهداف قيادات في السلطة وهذا يعني ان هذه العمليات تهدف لاجتثاث السعي للانقلاب في الضفة وحماس تجد لهم هذا المبرر وصرح أكثر من مرة قادة حماس علانية برغبتهم بالانقلاب في الضفة من قبيل سنصلي في المقاطعة "عوضاً عن الصلاة في القدس " وحتى الزهار نفسه صرح أكثر من مرة برغبتهم بالانقلاب هناك ، وحتى على فرض أن السلطة تعتقل مقاومين في الضفة (لم يقاوموا منذ سنوات ) وأن ما تعلنه مجرد حجج ومبررات لتشريع الاعتقال ألم تقم حماس في غزة بنفس العمل حين اعتقلت مطلقي صورايخ في غزة وقال الزهار عنهم أنهم عملاء يسعون لتدمير التهدئة وبعض منهم يتبعون تجار فإن كنا نريد تكذيب مبررات السلطة سنكذب مبررات حماس وبالتالي الطرفين عملياً ينفذا خارطة الطريق طرف بشكل معلن وطرف أخر بطريقة غير معلنة ، وحتى هذا الامر يطرح علينا تسائل لماذا حماس تعطي نفسها حق احتكار القرار الفلسطيني في الحرب وفي الهدنة في غزة بينما تجرم من يريد أن يوحد القرار الفلسطيني في الحرب والسلم في الضفة .
ليس من العسير القول إن مواقف قوى اليسار وعلى رأسها الجبهتين الشعبية والديمقراطية كانت معظم الوقت منحازة لطرف السلطة، وقد تجلى ذلك على نحو أكثر وضوحاً في مسلسل حوارات القاهرة، وحيث يصعب إيجاد أي فرق بينها وبين الوفد الذي يمثل حركة فتح نظرياً والسلطة عملياً، اللهم باستثناء مواقف هامشية لا تقدم ولا تؤخر في مسيرة الحوار. |
ملاحظة هامشية أرجو أن لا تعتبر شتم للكاتب وان تعتبر مجرد رأي وهي ان الكاتب يمارس الدجل والتضليل بكلام عابر عام لا يحمل اي ادلة أو تفاصيل ، فمثلاً الكاتب هنا يقول أن مواقف اليسار في الحوار كانت مطابقة لمواقف فتح الا في بعض الامور الثانوية والحقيقة عكس ذلك تماماً وواضحة وضوح الشمس فمثلاً نسي الكاتب أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رفضت المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية التي انبثقت عن اتفاق مكة لهبوط برنامجها السياسي لانه تضمن عبارة احترام الاتفاقيات الموقعة أي أن موقف الجبهة في البرنامج السياسي الذي يعتبر أهم وأم قضايا الحوار على نقيض حركة فتح واكثر تشدداً من موقف حماس وقد صرح بذلك الرفيق رباح مهنا صراحة وقال نحن لا نلتزم ولا نحترم هذا الموقف واضح لا لبس فيه وهو أهم قضية في الحوار الا اذا كان البرنامج السياسي في عرف الكاتب قضية هامشية كما يقول ، ثم هل يريد الكاتب من قوى اليسار أن تقر بما تريد حماس وترغب بوجود حكومتين لكيانين هل هذا الموقف الذي ينحاز له اليسار أتسائل بتعجب ؟!
وحتى في مسألة قانون الانتخابات اليسار لم يتبنى طرح فتح بأن تكون الانتخابات نسبية بنسبة 80% بل يريدها نسبية بنسبة 100% وباختصار ماهي المواقف الاساسية التي يدعي الكاتب أن اليسار منحاز لفتح فيها .
نتذكر هنا أن الجبهتين كانتا ضد أوسلو، ولكنهما انخرطتا عملياً في مؤسساته، وعاد الأمين العام للجبهة (أبو علي مصطفى) إلى الداخل قبل أن يغتاله الإسرائيليون إثر مشاركة الجبهة في الفعاليات العسكرية أثناء انتفاضة الأقصى، فيما آثر نايف حواتمة البقاء في الخارج، وهي خطوة ذكية في واقع الحال، لأنها تركته يصول ويجول ويطلق التصريحات، بينما لم يكن بالإمكان ضمان مصيره في الداخل، أقله من زاوية الحصول على بطاقات الفي آي بي التي يحصل عليها قادة السلطة، وهي بطاقات يعرف الجميع ثمنها السياسي. |
وهنا مزايد أخرى على شهيد استشهد بعدما عاد بأقل من عام وعاد يصرح بأعلى صوته عدنا لنقاوم لا نساوم وهي كلمة مشهورة عنه ، واتسائل متى واين وكيف شاركت الجبهة الشعبية في مؤسسات السلطة في عهدي حماس وفتح ، واي الوزارات اخذت , واتسائل مرة أخرى هل يعرف الكاتب ان الرفيق عبد الرحيم ملوح ممنوع من السفر ومثله الرفيقة خالد جرار فكيف ينسجم ذلك مع ادعاءه بأن رفاق من الجبهة حصلوا على بطاقات VIP هذا عوضاً عن ان امين الجبهه العام قابع في الاسر ، ومرة اخرى اعيد التساؤل هل يوجد هنا رأي للكاتب أم مجرد مزايدات ودجل ولعب بالحنجل والمنجل .
اليوم تقف الجبهتان على صعيد واحد إلى جانب السلطة. وبينما يغرد أحد قادة الشعبية في دمشق (ماهر الطاهر) خارج السرب، يعمل قادتها في الداخل مع السلطة في ظل غياب الأمين العام أحمد سعادات داخل السجن، وبعد تحول عبد الرحيم ملوح إلى جانب السلطة تأكيداً على تمثيلها لفصائل منظمة التحرير، وبالطبع بعد أن خرج من السجن في واحد من الحوافز التي قدمها الإسرائيليون للسلطة كي تواصل التزامها ببنود خريطة الطريق. |
مواقف الجبهة الشعبية تتخذ باجماع المكتب السياسي فلا ماهر الطاهر عندما يصرح يمثل نفسه ولا عبد الرحيم ملوح كل منهم ينقل موقف المكتب السياسي .
لا يعرف بالطبع كيف يكون الموقف على هذا النحو، وكيف يجيب قادة الجبهتين عن سؤال المستقبل، مستقبل القضية في ظل واقع السلطة والعقيدة التي تعمل على أساسها أجهزتها الأمنية، وفي ظل الإصرار على ما يسمونه هم أنفسهم المفاوضات العبثية. |
على حماس أن تجيب على هذا السؤال ايضاً ما هو مستقبل القضية بعد الانقسام الارعن الذي حدث والذي يبرر أحياناً بانه اجباري ويقول مشعل احياناً اخرى بأنه كان مخطط له
لنفترض أن حماس أخطأت بمشاركتها في انتخابات أوسلو، وهي كذلك من وجهة نظرنا على الأقل، لكنهم (أعني قوى اليسار) ارتكبوا ذات الخطأ من قبل، والفارق أن حماس لم تنكس راية المقاومة، وهي نفذت عملية الوهم المتبدد بعد شهور من فوزها في الانتخابات، والتي كلفتها ثمناً باهظاً، لا سيما في الضفة باعتقال جميع نوابها، ثم ها هي تسمح للجبهتين بأجنحة عسكرية في قطاع غزة (دعك من حجم مساهمتها في الواقع). |
أنا اتفق مع الكاتب في خطا اليسار مثلما يقر هو بخطأ حماس , لكن لا اتفق مع الكابت فيما يدعيه بأن الجبهتين نكستا راية المقاومة والحقيقة على الارض تثبت عكس ذلك فإن كان هو ذكر عملية الوهم المتبدد لحماس لماذا لم يذكر شهداء مخيم العين مثلا ؟! وبغض النظر عن حجم المساهمة كما يقول هل موقف الجبهتين الان وفي اي وقت مضي ضد المقاومة ؟!
عندما يعمل هؤلاء حثيثاً على إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الانتخابات، وفي ظل وضوح سافر في البرنامج السياسي للطرف الذي يتحالفون معه، وعندما يتواطئون مع مطالبة السلطة لحماس بالاعتراف بشروط الرباعية، عندما يفعلون كل ذلك، فهل يمكن تفسير ذلك بغير العداء الأيديولوجي (ليس اليساري بالضرورة)، إلى جانب المصالح الشخصية؟!. |
من اين أتى الكاتب بهذه التخاريف وقد أوضحت اعلاه موقف الجبهة فيما يتعلق بالبرنامج السياسي ومن اين أتى بأخبار أن اليسار يتواطئ مع فتح أو غيرها لاجبار حماس على الاعتراف بشروط الرباعية هل يوجد مصادر اخبارية يتلقى الكاتب منها الاخبار ونحن لا نعرفها .