الأربعاء، 10 سبتمبر 2008

مقالات قديمة عن غزة الجديدة (4)

الخيارات السياسية في مواجهة مشروع شارون


جزء من مقال د. نديم شرف الدين


الخيارات السياسية الفلسطينية في مواجهة المشروع السياسي للحكومة الاسرائيلية


مجلة مقدس استراتيجيا السنة الأولى العدد الرابع مايو 2001 


في الساحة الفلسطينية  ساد  خلط ما بين مشروع شارون لاستئناف المفاوضات السياسية  مع الجانب الفلسطيني ، وبين خطوط الأساس لمشروعه السياسي ، وما أن انقضت نصف فترة السماح  ( المائة يوم الأولى  ) حتى إتضح بجلاء ان شارون لم يتغير في المقابلات الثلاث التي اجراها  مع الصحف قال إنه لم يتغير وأن مواقفه في أغلب الحالات ظلت على حالها  ، ربما تكون السنوات التي مرت  قد غيرت من أسلوب ونغمة  الأمور إلا أن الجوهر لم يتغير (1) .


وشارون الأيديولوجي لم يحول جلده الي شارون البرغماتي كما أدعى انصار حكومة الوحدة في حزب العمل  (2) .


أنا لم أتغير ، وإنما انتم  الذين تغيرتم (3)، هكذا نطق شارون نفسه .


وكمقدمة  للعودة اي مائدة المفاوضات  فإن شارون يشترط وقف أعمال العنف من الجانب الفلسطيني  ، لكنه في نفس الوقت  يعارض وساطة طرف ثالث  ( الورقة المصرية الأردنية ) لمساعدة الطرفين  للنزول عن الشجرة العالية  التي صعدا إليها  رغم أن الجانب الفلسطيني  أعلن من على منبر القمة العربية قبوله بالعودة  - المشروطة -  الي اتفاق شرم الشيخ .


هذا الموقف يكشف قسماً هاماً  من المشروع السياسي لشارون هذا المشروع ليس من أفضلياته أن يعود الي طاولة المفاوضات أصلاً وإذا إضطر للعودة إلى المفاوضات مع القيادة السياسية  الحالية للشعب الفلسطيني  ، قيادة م. ت . ف والسلطة الوطنية الفلسطينية  . ورغم القيود التي يفرضها عليه مستشاروه بالتزام الصمت فإن خطوط الأساس لمشروع شارون السياسي تنهض على الأسس التالية  : 


أولاً : تدمير التمثيل السياسي للشعب الفلسطيني  , قيادة منظمة التحرير الفلسطينية  والسلطة الفلسطينية  ويشكل هذا الهدف غاية عليا حاكمة  للمشروع السياسي لشارون لأنه يعتقد أن هذه القيادة هي المسؤولة تاريخياً عن إزاحة المسألة اليهودية عن تصدر بؤرة الاهتمام  ، وإحلال المسألة الفلسطينية محلها في صدارة القضايا السياسية في الشرق الاوسط وهو يعتقد أيضاً ان تدمير التمثيل السياسي الموحد للشعب الفلسطيني  من شأنه أن يحقق لمشروعه السياسي هدفين هما 




  1. تحويل قضية الشعب الفلسطيني من قضية سياسية الي مجرد مشكلة سكان يعيشون في المناطق وتنحصر مطالبهم في تحسين الشروط الاقتصادية والمعيشية



  2. إجراء أية مفاوضات لاحقة مع ممثلي السكان الفلسطينين من القيادة المحلية غير الموحدة سياسياً حول متطلبات الشؤون الذاتية للسكان  .



وكان موشيه أرنس ، وزير الدفاع الأسبق ، وعضو الكنيست من الليكود قد عبر صراحة عن ذلك عندما كتب ما يلي :


.. لقد هجرت اسرائيل مبدأ عدم التفاوض الا مع ممثلي السكان الفلسطينين في يهودا والسامر وقطاع غزة , وبضربة واحدة فرضت حكومة العمل عرفات وحاشيته من م .ت .ف على السكان الفلسطينين  البائسين ومنحت الاعتراف للشتات الفلسطيني الذي أدعى عرفات تمثيله واعترفت بطلب عرفات إدراج حق العودة كموضوع للمفاوضات لقد أعطت اسرائيل الشرعية لادعاء عرفات أنه ليس ارهابياً بل مقاتل حرية ، فقد بسطنا على شرفه البساط الأحمر حتى البيت الأبيض وإنعدام الصبر وغياب الفكر أديا بإسرائيل إلى إنتزاع الهزيمة من بين أنياب النصر ، والدولة برمتها تدفع الآن الثمن (4.


ومن اللافت للنظر هنا أن هذه الدعوة  لتدمير التمثيل الموحد للفلسطينين لم تقتصر فقط على جبهة اليمين الصهيوني ، فثمة أصوات في جبهة  اليسار تتبنى بدورها هذه الدعوة .


فتحت شعار عرفات لم يعد شريكاً الذي يسري في الخطاب السياسي لليسار الصهيوني كتب غي بخور  


.. إن استمرار المسيرة مع عرفات الرجل وعالمه الثقافي ليس فقط اضاعة للوقت بل وضرر لمجرد الحوار الحساس بين الشعب الاسرائيلي والشعب الفلسطيني ، وعلينا أن ننتظر حتى تبادل الصفوف في المعسكر الفلسطيني  ، وهذا ليس بعيداً . زعيم جديد سيكون من أبناء المناطق عديم الخطابية العروبية يعرف اسرائيل ونهجها ومؤسساتها وشعبها والتعايش معها زعيم تبلور هنا وطرقته المعاناة المشتركة  للشعبين ليس ملزماً بمصداقة مبارك على خطواته ، ستكون مداولات مؤتمرات القمة العربية غريبة عليه  , وكرئيس لـ م. ت. ف ملتزم إتجاه اللاجئين الفلسطينين  في الدول العربية أما زعيم  محلي فإنه سيكون ملتزم بقدر أقل  (4).


المشروع السياسي لشارون لا ينتظر حتى يتم هذا التبادل لكنه يسعى بكل الوسائل للتعجيل بهذا الهدف  - تدمير التمثيل الموحد للشعب الفلسطيني  - فهو ما يزال يعتقد أن عليه أن يستكمل أهداف نفس الحملة التي غزا من أجلها لبنان وبيروت عام  1982 , والتي أجهضت حسب زعمه بسبب معارضة اليسار الاسرائيلي له  .


ثانيا : المشروع السياسي لشارون يعطي الأفضلية لتطبيق الحكم الذاتي للفلسطينين طبقاً للمفهوم الذي أعتمده زعيم الليكود الراحل مناحيم بيغن : حكم ذاتي شخصي ، ومحلي  وبلدي , وليس إقليمي .


Autonomy to Inhabitants of West bank And Gaza .


وهناك فرق جوهري بين مفهومين :


حكم ذاتي للسكان Inhabitants  


وحكم ذاتي للشعب  People


والمشروع السياسي لشارون يعطي الافضلية الأولى للنوع الاول : حكم ذاتي شخصي ، وحلي وبلدي وليس إقليمي  ، ولهذا يرفض شارون للآن مشروع الفصل الذي يدعو إليه حزب العمل سواء أكان  من طرف واحد أو حتى بالاتفاق وسيعمل جهده كله من أجل فرض هذا النوع من الحكم الذاتي على الفلسطينين منطلقاً من قاعدة تدمير التمثيل السياسي  الموحد للشعب الفلسطيني .


ثالثاً :


الأفضلية الثالثة  في المشروع السياسي لشارون تتمثل في إجراء تحويل شكلي , استجابة لمتطلبات فوق اسرائيلية ،  على مشروع الحكم الذاتي للسكان والانتقال للقبول بالاتفاق ونتيجة للمفاوضات بدولة فلسطينية  محدودة ومقيدة منزوعة السلاح خلافاً للوضع القائم اليوم ولديها قوة شرطة فقط والسلاح الذي تحتاجه للحفاظ على النظام ، واسرائيل خلال سنوات تقوم بمراقبة الحدود الخارجية  وهذه الدولة لن توقع على اتفاقات مع دول معادية لإسرائيل وإسرائيل تحتفظ بحقها في التحليق في أجوائها ولا مساس بأمن اسرائيل وتقام هذه الدولة على مساحة  42% تقريباً من مساحة الضفة و 70% من مساحة غزة وفي هذه الحالة ليست لدي مشكلة في ذلك (6)


ويضيف شارون في موضع آخر : لن أوافق على إخلاء المستوطنات بأي شكل من الاشكال  ولا أرى سبباً لاخلاء أي مستوطنة طالما لا يوجد سلام فإننا سنبقى هناك , وإذا بإذن الله  ، تم التوصل الي السلام فلا مانع أن يقيموا هم هناك ..هل يمكن اليوم التنازل عن السيطرة على الآبار الجوفية في السلسلة الجبلية الوسطى التي تزودنا بثلث كمية المياه التي نستهلكها  ؟، هل يمكن التنازل عن مناطق الفصل في غور الأردن ؟ ليس صدفة ان أقيمت المستوطنات حيث أقيمت . إنها تحافظ على تراث الشعب اليهودي وكذلك تمنحنا عمقاً استراتيجياً  حيوياً .. ليس لدينا  الحق في التنازل عن القدس ببساطة ليس لدينا الحق  (7.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




  1.  هآرتس : شارون بالأبيض والأسود ، زئيف شيف 18/4/2001



  2. أنظر أيضا هآرتس 16/4/2001



  3. معاريف 13/4/2001 مقابلة مع شارون



  4. هآرتس17/4/200 لم يعرفوا كيف ينتصرون



  5. يدعوت أحرنوت 18/10/2000



  6. معاريف 13/4/2001



  7. هآرتس 11/4/2001




 


   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق